نبذة عن الفنان

في حوار مع دانا عورتاني

فنان
دانة عورتاني
مؤلف
نيكول كان
نشرت
23 أغسطس 2024

"يتعلق الأمر بالارتقاء بالحرفة إلى ما كانت عليه من قبل، وإحياء اهتمام الناس بها وتقديرهم لها" - دانا عورتاني حول إحياء الفنون والثقافة والتراث من الشرق الأوسط من خلال دمج الحرف التقليدية في عملها.

دانا عورتاني فنانة سعودية من أصول فلسطينية، ولدت وترعرعت في مدينة جدة بالسعودية. اليوم تعتبر عورتاني، التي تقيم حاليًا في جدة ونيويورك، واحدة من أشهر الفنانين المعاصرين من المملكة العربية السعودية، كما حققت نجاحًا تجاوز حدود المملكة حيث عُرضت أعمالها في بعض أهم الفعاليات الفنية المرموقة حول العالم. قدّمت منحوتتها الهندسية الأيقونية التي تحمل عنوان "حيث يرقد الساكنون" في النسخة الثانية من معرض "صحراء X العلا" في عام 2022، بينما تُعرض سلسلتها المستمرة بعنوان "تعال، دعني أشفي جراحك. دعني أرمم عظامك المكسورة " (2019- إلى الآن) في معرض أدريانو بيدروسا الأساسي في بينالي البندقية. ومؤخرًا، تم إدراج عورتاني على القائمة القصيرة للمرشحين لتكليف "High Line Plinth" في نيويورك.

على الرغم من هذا التقدير العالمي المتزايد الذي تحظى به أعمال عورتاني، إلا أن ممارساتها الفنية تتجذر بعمق في ثقافة وتراث الشرق الأوسط، وهو ما يتجلى في اهتمامها الشديد بالحرف التقليدية. تقول عورتاني: "اعتبر نفسي فنانة وحرفية في ذات الوقت. وقد تدربت على الطرق المعاصرة والتقليدية في صناعة الفن، ولكن ما اهتم به في الحقيقة هي الوسائط التي لها صلة بتاريخ الحرف، والتي أعمل بها بشكل أساسي".

يعود اندماج الممارسات الفنية المعاصرة والحرف التقليدية في أعمال عورتاني إلى سنواتها الأولى كطالبة فنون. عقب حصولها على درجة البكالوريوس في الفنون الجميلة من جامعة سنترال سانت مارتينز في لندن، التحقت عورتاني ببرنامج دراسات الماجستير في الفنون التقليدية في مدرسة كينجز فاونديشن للفنون التقليدية (التي كانت تُعرف سابقًا باسم مدرسة الأمير للفنون التقليدية)، لكنها قررت مواصلة الدراسة المستقلة من خلال العمل مع الحرفيين بشكل مباشر. تقول عورتاني: "كانت جامعة سنترال سانت مارتينز ومدرسة الأمير يمثلان وسيلة تقليدية للغاية للحصول على المعرفة، حيث الذهاب إلى الجامعة والحصول على شهادة، لكن الأهم من ذلك، بالنسبة لي، هو التعلم المستمر مع وضع في الاعتبار أيضًا أن تقاليد الحرف هذه كانت موجودة منذ مئات السنين، وهي مختلفة عن الفن المعاصر. فهذه المعرفة موجودة منذ قرون، وعليك احترامها وتعلمها قبل أن تتمكن حقًا من توظيفها بشكل مُبتكر".

تعتبر زخرفة المخطوطات واحدة من الفنون التقليدية التي درستها عورتاني بشكل مستقل، حيث أكملت تدريبها مع أحد خبراء الزخرفة في إسطنبول. تقول الفنانة: "إن ما حققته في إسطنبول، وتلك الطريقة في التعليم والتعلم التي حظيت بها، سبقت الجامعات الحديثة". وأضافت عورتاني أنه، تاريخيًا، كانت الطريقة التي يتعلم بها المرء لكي يصبح حرفيًا ماهرًا هي أن يتوجه إلى حرفي محترف ويطلب منه أن يصبح متدربًا لديه، ومن ثم يتدرب تحت إشرافه. تقول عورتاني مستحضرة فترة تدريبها: "تميّزت الطريقة التي تعلمت بها بالتنوع، بدءًا من ذهابي إلى صف مدربتي حيث الطلبة الآخرين، والتعلّم في المنزل، وحتى الذهاب إلى منزلها والجلوس معها على أرضية غرفة المعيشة، حيث كانت تجعلني أرسم مرارًا وتكرارًا. كانت التجربة فردية وشخصية للغاية، ولم يكن هناك جدول زمني مُحدد. فقد يستغرق الأمر عامًا، ومن ثم يقررون ما إذا وصلت إلى درجة خبير مُتقن، أو قد يستغرق الأمر عشر سنوات."

ترى عورتاني أن العمل مع الحرف التقليدية والحرفيين له جانب اجتماعي مهم أيضًا، سواء فيما يتعلق بدعم الحرفة نفسها أو من خلال التأكيد على ارتباطها بالثقافة المحلية. وتقول: "يتعلق الأمر بالارتقاء بالحرفة إلى ما كانت عليه من قبل، وإحياء اهتمام الناس بها وتقديرهم لها، لكن الكثير من الحرف التقليدية لم تعد تحظى الآن بالتقدير أو الدعم. كان الحرفيون تاريخيًا من أهم الشخصيات في المجتمع، وكانوا يتمتعون برعاية ملكية، لذلك كان السلطان أو صاحب الأمر يُكلّف الحرفيين بإنشاء هذه المباني والأشياء الجميلة، وهو أمر لم يعد يحدث بعد الآن. لقد أصبحنا مجتمعًا سريع الخطى حيث يتم بناء هذه المباني الخرسانية الأسمنتية التي ليس لها أي هوية أو صلة بالثقافة المحلية".

نفّذت عورتاني عملها الفني المعروض في "مقتنيات دبي" بالتعاون مع حرفيين، حيث قدمت منحوتة من الوسائط المتعددة بعنوان "عشريني الأوجه ضمن ذي الأوجه الاثنتي عشرة" (2016)، وهي معارة من مجموعة مقتنيات رعاة الفن نسرين وتيمور سلام، وتعد جزء من سلسلة "ثنائيات أفلاطونية صلبة" التي شاركت بها الفنانة في النسخة السادسة من بينالي مراكش. تقول عورتاني أنه نظرًا لاهتمامها الدائم بالعمل بالخشب، قامت أمينة فضة، القيّمة الفنية للبينالي، بتقديمها إلى مجموعة من الحرفيين المحليين لتنفيذ قطعتها الفنية. وأضافت قائلة: "لقد قمت بجميع أعمال التصميم والرسم، بينما شرحوا لي أنواع الخشب المحلية التي يستخدمونها في عملهم، فأقوم أنا باختيار لون الخشب وشكل التصميم. كان أسلوب عملنا معًا يتسم بالتقارب الكبير".

تمثل سلسلة "ثنائيات أفلاطونية صلبة" اهتمام عورتاني الشديد بالهندسة، سواء كفرع من فروع الرياضيات أو باعتبارها سمة أساسية في الفن الإسلامي التقليدي. وتوضح قائلة: "إنها لغة عالمية، تتجاوز الثقافة والدين، وتعبّر عن العديد من الناس، وقد جعلتني أنظر إلى العالم بشكل مختلف. فهي وسيلة تتيح للمرء فهم العالم من حوله من خلال الرياضيات، وهذا ما أحببته في الهندسة".

كفنانة تتجذر أعمالها في ثقافة وتراث الشرق الأوسط، تشعر عورتاني بالثقة فيما تسميه بـ"النهضة الفنية" في المشهد الفني الخليجي، لا سيما في المملكة العربية السعودية. وتقول: "عندما عدت إلى السعودية لأول مرة، لم تكن هناك أي بنية أساسية للفن، لا شيء على الإطلاق. وكان من الصعب حقًا أن أكون فنانة خلال السنوات العشر الأولى من مسيرتي المهنية، حيث لم يكن هناك سوى صالة عرض واحدة في السعودية، ولم تكن هناك وزارة للثقافة". وتضيف عورتاني: "أنا ممتنة للغاية لوجود المزيد من الفرص والمجالات التي أصبحت متاحة. يمكنك الآن القيام بأشياء مختلفة من أعمال فنية قياسية وأخرى أصغر حجمًا، وهذا في رأيي أمر إيجابي جدًا. وأنا أهتم في أعمالي الفنية بإحياء الفنون والثقافة والتراث من الشرق الأوسط...لذا أنا أُقدّر وجود كل هذه المنصات والفرص".