أجسام من الفضاءات العتبيّة
تأملات ليمينالية في "الستائر" (2014) للمصوّرة الفوتوغرافية لمياء قرقاش و"رسالة إلى الذات في المستقبل" (2016) للفنان التشكيلي ناصر نصر الله.
تنشأ كلمة "ليمينال" أو عتبي حدّي من الاسمين اللاتينيين "liminis" (أو "limen") بمعنى العتبة و"transire" بمعنى العبور إلى الجانب الآخر، حيث يؤكد الشطر الأول من الكلمة - أي "trans" - على الـ" ما وراء". استُخدمت كلمة "Liminality" أي العتبية أو الحدية لأول مرة من قبل عالمي الأنثروبولوجيا أرنولد فان جينيب ولاحقًا فيكتور تورنر خلال القرن العشرين لوصف المراحل المختلفة والأدوار الاجتماعية لطقوس العبور (مثل مراسم الزواج أو بلوغ سن الرشد). وتكمن مساهمة فان جينيب وتيرنر فيما يتعلق بمفهوم "Liminality" أو العتبيّة والحدية في تأكيدهما على أهمية احتضان الحالة الوسطية أو الغامضة أو المشوشة، حيث أشارا إلى أن هذه اللحظات الانتقالية ضرورية بالنسبة لنا للمضي قدمًا لأنها تؤثر على هويتنا. وهي آراء كان لها تأثير كبير فيما بعد على النظرية الثقافية المعاصرة، مثل نظرية ما بعد الاستعمار التي أشار إليها هومي بابا في عمله المهم بعنوان "موقع الثقافة" الذي نُشر أول مرة في عام 1994، حيث يُعرّف الـ"ليمينال" بأنه "فضاء ثالث خاص باللفظ"، مساحة انتقالية تعمل كوسيط وتتصف بعدم اليقين والتهجين وإمكانية التغيير الثقافي. ويتم المرور بتجربة العتبية الثقافية، "Cultural liminality"، على سبيل المثال، عندما يجد الفرد نفسه بين ثقافتين بعد خوض رحلة عدم الاستقرار أو النزوح، مثل المهاجر الذي يعاني من الشتات في ثقافة جديدة بعد اضطراره إلى مغادرة مسكنه الذي أُخرج منه بالقوة.